الطويسي: المجتمعات التي لا تحصن نفسها تدفع الثمن غالياً
الطويسي يؤكد على ضرورة حماية الحقيقة كأداة من أدوات الإستقرار والبناء
الطويسي : “الأقليات الصارخة” ظاهرة تحاول أن تختطف المجتمع وتتحدث باسمه
النجار: منصات التواصل الاجتماعي يجب أن تكون فرصة للحوار المستمر وتعزيز الإيجابية
النجار تؤكد على ضرورة عدم التسليم للأصوات الصاخبة والإستماع إلى أخرى آمنة
المحامي أبو عزام : المجتمع الرقمي غير حساس لحقوق الإنسان لا سيما خطاب الكراهية
أبو عزام يؤكد على أهمية التجارب العالمية في “أنسنة” الأثير وتعزيزها
هلا أخبار – سامر العبادي – ما تزال دعوات جلالة الملك عبدالله الثاني إلى التصدي لظاهرة الاستخدام السلبي للمنصات الإلكترونية، تحتاج إلى جهد لتؤطر دولياً.
وفي أكثر من مرة حذر جلالة الملك من أصوات الكراهية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شبكة الأنترنت، وقال إن علينا أن نستعيد الأثير وشبكة الإنترنت من الأصوات التي تدعو إلى الكراهية والتي روَّعت عالمنا بالجهل والأكاذيب.
تسابقت منصات عالمية لحذف مئات الآلاف من المنشورات التي أدرجت مقطع الفيديو الذي صوّره الإرهابي قاتل الأبرياء في مسجدين بنيوزلندا، قُدّرت ب 1.5 مليون منشور خلال يوم واحد من حدوث الهجوم الإرهابي.
وينظر الكثيرون إلى أن هذه المنصات لا تزال تتجاهل الدعوات العالمية لوقف عمليات التحريض على الإرهاب ونشر خطاب الكراهية، وهو ما دفع دولاً لإتخاذ إجراءات صارمة إزاء تلك الشبكات للحد من خطورة ما ينشر عبر صفحاتها.
ورأى مختصون في حديث لـ “هلا أخبار” أن التحذير الملكي جاء بدوافع وثيقة الصلة بما يشهده العالم من صراعات تحمل طابعاً عنفوانياً، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الإشاعات والمعلومات المغلوطة عبر التواصل الإجتماعي والتي أثارت موجة الرأي العام.
** مرحلة يسودها الفوضى وهناك حاجة للاصغاء:
ويؤكد عميد معهد الإعلام الأردني الدكتور باسم الطويسي أن التحذير الملكي شكل وثيقة ذات وضوحٍ سياسي وأخلاقي وجاء من قيادة سياسية في منطقة تشهد صراعات وعلى خلفيات سياسية ومذهبية مختلفة.
وقال إن أهمية هذا التحذير أنه يأتي في وقت نعيش فيه مرحلة تحولٍ وتغير في العملية الإتصالية والنشر وتدفق المعلومات، موضحاً أنها كانت سابقاً بإتجاهٍ واحدٍ فإنها أصبحت بإتجاهين أي من القاعدة (الأسفل) إلى الأعلى (المركز).
ونوه إلى أن المرحلة الحالية (إعلامياً) يسودها حالة من الفوضى والشك ومن سماتها كثرة الأخبار الكاذبة، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة خطاب الكراهية، حيث أن أدوات التواصل الإجتماعي باتت احدى وسائل الصراع بالعالم.
وقال الطويسي إن المجتمعات التي لا تحصن نفسها تدفع الثمن غالياً، لذا علينا أن نحصّن مجتمعاتنا من خلال مؤسسات التربية ونظامٍ تعليمي ووسائل الإعلام.
واتفقت العين هيفاء النجار في حديثها مع الطويسي، حيث دعت إلى الإصغاء للرسالة الملكية التي دائماً ما تأتي واضحة ومباشرة.
وقالت إن خطاب الكراهية يؤدي بالمجتمعات إلى الهاوية كونه سلبي يقسّم الأمة وفئات المجتمع ولا يبني، منوهة إلى أن لمجتمعنا الأردني ميزات تعددية وقيمٍ كالعمل والتعاون والمحبة وهي التي يجب أن تسود عبر هذا الأثير.
فيما رأى المحامي صدام أبو عزام أن ما ينشر عبر الانترنت يثير موجةً من الرأي العام، معتبراً أن المجتمع الرقمي غير حساس لحقوق الإنسان لا سيما خطاب الكراهية، بما أدى إلى ملئه بها.
وبين أن كثيراً من الحكومات لم ترتق إلى مستوى في إيجاد صيغة وطنية للحد من خطاب الكراهية، ولم تستطع بلورة استراتيجية ما أدى إلى تعميق حالة الشك والإحباط.
** استعادة الأثير من “الأقليات الصارخة”:
وأكد الدكتور الطويسي على ضرورة حماية الحقيقة كأداة من أدوات الإستقرار والبناء، قائلاً: ” إن الثقة العامة هي التي نحتاجها”.
وبين أن طبيعة عمل منصات التواصل الاجتماعي توفر مساحةً واسعة للأصوات التي تروج لخطاب الكراهية، وتوفر مساحة أخرى لنشر الأكاذيب وأنصاف الحقائق، “لذا يجب تتبع هذه الأصوات التي باتت تشبه الفقاعات الكبيرة وتوهم البعض وتسهم بتضليلهم”.
ونوه إلى استخدام الدراسات الحديثة لمصطلح “الأقليات الصارخة” للتعريف بظاهرة تحاول أن تختطف المجتمع وتتحدث باسمه، معرفاً إياها بأنها “مجموعة صغيرة من الناشطين والمؤثرين تدعي أنها تمثل الرأي العام”.
وقال إن هذه الأقلية ترتفع أصواتها بينما الأغلبية تلوذ بالصمت، داعياً إلى تعريف الجمهور بمدى انتشار هذه الظاهرة وحجم هذه الأقلية؛ وأنها لا تعكس الرأي العام الحقيقي.
أما عن سبل مكافحة خطاب الكراهية والتضليل، أضاف: “أن ذلك يتم من خلال تنمية الفكر النقدي، وتنشئة جيل ينقد ما يتابعه عبر الوسائل الإعلامية”.
وأوضح أن تنمية الفكر النقدي بالمحتوى الإعلامي يتطلب نشر تربية إعلامية ومعلوماتية ضمن منهاج يدرك طرق التعامل مع مصادر المعلومات ووسائل الإعلام، والرسائل الإعلامية التي تريد إيصالها.
وترى العين النجار أن هناك أيضاً، “صراخاً” يمارسه البعض عبر أثير التواصل الإجتماعي، قائلةً: “ليس بالصراخ وحده تصل الرسالة بل الصوت المنتج هو المطلوب”.
وأكدت على ضرورة عدم التسليم لهذه الأصوات الصاخبة، والإستماع إلى أخرى آمنة، مشيرةً إلى وجود نقدٍ ايجابي يجب الحفاظ عليه لأنه يبحث عن حلولٍ ويدعو إلى رفع مستوى الإعتماد على الذات.
وضربت مثالاً محلياً، باعتقادها أن خطاب الكراهية لا يمثل الخطاب الجمعي الأردني، لافتةً إلى وجود ما وصفته بالخطابٍ البدائلي المبني على تجديد الثقة والإحترام والتقدير المنجز.
ودعت قادة المجتمع لتحمل المسؤولية كونهم يمثلون نماذج لدى فئات كثيرة، مؤكدةً على ضرورة أن تبتعد هذه الفئة عن الإنفعالية أو أن تمارسها بشكل عقلاني يتبنى الحلول، واعتبرت أن منصات التواصل الاجتماعي يجب أن تكون فرصة للحوار المستمر وتعزيز الإيجابية.
بينما رأى المحامي أبوعزام أن التدبير التشريعي وحده لا يقف على حلول لهذه الظاهرة، قائلاً: “إن الحاجة اليوم هي إلى تعزيز قيم السلام والنزاهة والشفافية ضمن ثالوث السياسات والممارسات ثم التشريعات”.
وشدد المحامي على أهمية التجارب العالمية في “أنسنة” الأثير التي يجب أن تُعزز، ومثالاً عليها : مبادرة الأمم المتحدة لحوكمة الشبكة العنكبوتية.
وأشار إلى أن هذه الجهود بقيت تدور ضمن دائرة التدابير القانونية، “لذا لم تنجح في القضاء على خطاب الكراهية”، داعياً الدول إلى بناء خطط وطنية شاملة تتضمن مناهج تستهدف السلوكيات ويشارك في اعدادها التربويون في المدارس والجامعات ومشرفي المراكز الشبابية ودور العبادة ومؤسسات المجتمع المدني لوضع هذه المناهج الهادفة للتوعية.
واعتبر أن قيام الحكومات بتطويع النصوص القانونية لمواجهة خطاب الكراهية بغياب الدراسات أدى إلى شمول مفاهيم كالإشاعات ضمن نطاق مفاهيم خطاب الكراهية، منوهاً إلى أن يجب إيجاد خطة شاملة لمعالجة هذه المفاهيم.