بقلم المحامي : صدام ابو عزام
تشكل مكافحة المال السياسي أحد أهم أولويات المؤسسات القائمة المشرفة على العملية الانتخابية حتى وتشكل اولويات عمل لفرق الرقابة على العملية الانتخابية، ولعل نجاح المشرع في صياغة قاعدة قانونية ناظمة لكافة الاشكاليات اليت ترافق هذه المرحلة امرٌ ليس بالسهولة بمكان باعتبار أن جرائم الدعاية الانتخابية والمال السياسي صعبة الكشف لتوافق إرادات الاطراف على تنفيذها وتغدوا الحالة الوحيدة هي حصول خلاف مما يؤدي الى فضح هذه الجرائم
وعليه اختلفت النظم القانونية في اجراءات واليات ضبط الدعاية الانتخابية من حيث تحديد سقف أعلى للدعاية الانتخابية والنص على اجراءات من الواجب على المرشحين إتباعها لتشكل بالمجمل ضوابط الدعاية الانتخابية. المشرع الاردني في قانون الانتخاب حدد الضوابط العامة للدعاية الانتخابية وصار للإحالة الى التعليمات التنفيذية التي تصدرها الهيئة المستقلة للانتخاب لرسم الاجراءات العملية لتلك الضوابط مع التأكيد على عدم استحداث أي نص أو حكم موضوعي جيد في التعليمات. وعليه فانه يسجل على مسودة هذه التعليمات العديد من الملاحظات التي يجب التنويه والاشارة لها على النحو التالي:
اولا : إن المطلع على مسودة التعليمات التنفيذية يجد بأنها لم ترقى الى مستوى الطموح العام في استحداث اجراءات واليات عملية من شأنها الحد بل والقضاء على المال السياسي ، على الرغم من حالات التناقض البينة بين قانون الانتخاب والدستور من حيث مدة قبول استقالة الوزراء الراغبين بالترشح وموعد بدء الدعاية الانتخابية للمرشح على مستوى القائمة أو الدائرة المحلية وغيرها . تجدر الاشارة الى ان الاجراءات المتخذة من قبل الهيئة حيال مكافحة المال السياسي وتنظيم شؤون الحملات الانتخابية اقتصرت فقط على إصدار التعليمات والاجدر أن تتخذ الهيئة العديد من الاجراءات والاعمال والقيام بالنشاطات لنشر والتوعية بالجرائم الانتخابية كأحد الوسائل الردعية المسبقة بالإضافة الى انتهاج وسائل وقائية من مثل وضع مدونات السلوك للمرشحين ومواثيق الشرف ويتم التوقيع عليها من قبل مقدم الطلب بالإضافة الى عقد حملات توعية للمرشحين وللقائمين على الدعاية الانتخابية إذ لا يزال يعتقد الكثير من جمهور المواطنين بأن بعض التصرفات والسلوكيات جائزة بينما هي في الحقيقة تشكل جرائم انتخابية .
ثانيا : فضلاً عن عدم تضمين التعليمات أي نصٍ يلزم المرشحين أو مفوضي القائمة بالتوقيع على أنموذج تعهد يلتزم بموجبة بان يقوم بالدعاية الانتخابية وفق أحكام القانون من حيث المدد والمواعيد واحترام حرية الرأي والتعبير وعدم استخدام الشعارات الوطنية والاعتداء على الدعاية الانتخابية لغيرة .
ثالثا : بالإضافة الى أن النصوص جاءت قاصرة في تنظيم تعامل وسائل الاعلام مع الدعاية الانتخابية باستثناء ما ورد في النصوص التشريعية العامة من التعامل مع المرشحين بحياد ومساواة ولم تحدد التعليمات هل هذا الالزام ينصرف على وسائل الاعلام الخاصة، هذا مع الاشارة الى أن نص المادة العاشرة من التعليمات لا يفي بالغرض من حيث الرقابة على وسائل الاعلام .
رابعا : ولم تتضمن التعليمات أي اشارة الى الية التعامل مع القائمة العامة من حيث الاسماء التي سيتم استخدامها لهذه القائمة وهل يجوز أن تستخدم شعاراً او رمزاً فضللاً عن الاسم وأن الضوابط التي حددها المشرع وردت في التعليمات التنفيذية الخاصة بالقائمة العامة المادة 6 فقرة ب بند 1 ” اسم القائمة الانتخابية على ان لا يخالف احكام الدستور او القانون او النظام العام. ولم تتضمن التعليمات اي تفعيل حقيقي لأحكام المادة 68 من قانون الانتخاب والتي تمنح الرئيس واعضاء المجس ورؤساء لجان الانتخاب والاعضاء ولجان الفرز صلاحيات الضابطة العدلية ولهم بهذه الصفة ضبط أي جرائم مرتكبة خلافاً لأحكام القانون مقتضى هذا النص يوجب ان تقوم الهيئة بتفعيل هذا النص بإجراءات عملية من قبل كوادرها لمتابعة أي أمر يتعلق بالحملات الانتخابية .
خامسا : تضمن نص المادة السادسة من التعليمات التزام على الهيئة واللجان الانتخابية مراقبة التزام المرشحين بأحكام الدعاية الانتخابية والطلب من المرشحين والدوائر الرسمية الازالة في حال المخالفة ، إذ يعتبر هذا النص غير كاف من حيث التطبيق العملي وكان يجدر البحث عن الية رقابة فعالة لمتابعة كافة شؤون الدعاية الانتخابية طيلة الفترة المسموح بها من مثل أن تعتبر اللجان الانتخابية لجان خاصة لمتابعة ورصد كافة المخالفات والاعلان عن خط ساخن لاستقبال شكاوى المواطنين بالنسبة للدوائر المحلية وتشكيل لجنة خاصة في مقر الهيئة ايضاً لاستقبال الشكاوى بالنسبة للقوائم العامة. بالإضافة الى أن يتم اضافة فقرة تتعلق بالإحالة الى القضاء بالنسبة للمخالف إذ الازالة لوحدها لا تعتبر عقوبة لأن الركن المادي للجريمة ظهر الى حيز الوجود المادي ومجرد الازالة قرينة على ارتكاب المخالفة ولا يعدو القيام بالإزالة الا إنهاء لأثار الجريمة .
سادسا: لم تتضمن التعليمات أي الزام على معاوني المرشحين وتحملهم للمسؤولية القانونية إعمالا لمبدأ عينية وشخصية الجرائم والعقوبات وتضمين التعليمات نصوصاً تمنع نشر أي مادة إعلانية من شانها الاساءة لأحد المرشحين أو القوائم وعدم إطلاق أية أحكام مسبقة تتعلق بوضع المرشحين وفرص الفوز التي يتمتعون بها. وحضر قبول تبرعات من جهات غير معلومة المصدر سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي ويجب التأكيد في هذا الاطار على أن التعليمات جاءت خالية من أي نص يحدد اسقف الدعاية الانتخابية وضع سقف أعلى للدعاية الانتخابية وكذلك سقف لمبالغ التبرعات التي تقدم من الاشخاص والمؤسسات على حد سواء
سابعا : إن أحد الاساليب القانونية والتي تشكل محل إجماع في كافة النظم القانونية العالمية الناظمة للدعاية الانتخابية بأن يتم الزام المرشحين بفتح حساب خاص( لمرشح على مستوى الدائرة المحلية او على مستوى القائمة) ويتم الانفاق على الدعاية الانتخابية من خلال هذا الحساب ومتابعة وتقديم تقرير مفصل يشتمل فواتير الصرف والانفاق وتقديم تقرير مدقق من محاسب قانوني .