
بيان صادر عن مؤسسة حقوقيون
تتابع مؤسسة حقوقيون ببالغ القلق الأمر التنفيذي الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يقضي بفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية والمحققين فيها وأسرهم من إجراءات تعسفيه من منع سفر ودخول وتجميد أصول وغيرها، بعد أن تم عرقلة مشروع القانون في مجلس الشيوخ الأمريكي، وقد لجأ الرئيس الأمريكي إلى حالة الطوارئ لتمرير هذا القرار عبر أمر تنفيذي.
إن تداعيات هذا القرار على القضاء الدولي تمثل تهديدًا خطيرًا قد يضر بمفهوم العدالة الدولية، التي كانت نتيجة لجهود ونضالات مستمرة على مستوى العالم، سعيًا لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ورغم التحديات التي يواجهها نظام روما الأساسي، إلا أن هذا القرار يمثل ضربة قاسية لجهود تعزيز العدالة الدولية وحمايتها.
مؤسسة حقوقيون ترى أن هذا الإجراء يعكس رسالة سلبية للرأي العام الدولي حول تقويض الإرادة الدولية، ويزيد من تأثير بعض الدول في توجيه هذه الإرادة، ما يهدد فكرة العدالة والمساواة في محاسبة مرتكبي الجرائم الدولية.
كما أن خطورة هذا القرار تكمن في منح شرعية لتصرفات دولة الاحتلال تجاه الجرائم المرتكبة في غزة، مما يعزز من فرص الإفلات من العقاب، حيث تشير المؤشرات إلى موافقة ضمنية على الجرائم المرتكبة فيها.
إن تداعيات هذا القرار لا تقتصر على قضية غزة فحسب، بل تمتد لتشمل جميع القضايا المعروضة أمام المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك القضايا التي تتعلق بالأوامر الصادرة بالقبض على المتهمين بارتكاب جرائم دولية.
وقد يعزز هذا القرار التوجهات المناهضة لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، مما قد يدفع بعض الدول إلى التفكير في الانسحاب من ميثاق روما الأساسي.
إن العدالة العالمية تواجه تراجعًا خطيرًا وقد يعيد هذا القرار العالم إلى الوراء في مجال القضاء الدولي وواقعه المؤسسي، ما يؤثر على الأمن والسلام الدوليين، وهما من الأهداف الرئيسية التي أنشئت من أجلها الأمم المتحدة.
إن العقوبات المفروضة تهدد الجهود الدولية المبذولة منذ عقود لتطوير آليات قانونية تحمي حقوق الإنسان وتعاقب أفعال الحرب الوحشية.
مؤسسة حقوقيون تدعو المجتمع الدولي، بمنظماته ودوله، إلى التحرك العاجل لرفض هذا القرار، وتدعو الأمم المتحدة خاصة الجمعية العامة إلى عقد اجتماع طارئ لدراسة تداعيات هذا القرار على الأمن والسلم الدوليين، كما تحث الدول الداعمة للعدالة الدولية على مواصلة دعم المحكمة الجنائية الدولية، وضمان عدم تأثر استقلاليتها بتأثير مثل هذه القرارات.
وتؤكد مؤسسة حقوقيون أن العدالة الدولية هي الأمل المنشود للملايين من الضحايا الذين ينتظرون تحقيق العدالة والمحاسبة، ومن هنا تبرز أهمية اتخاذ خطوات عملية من قبل المجتمع الدولي لحماية استقلالية المحكمة الجنائية الدولية وضمان استمرارية دورها في محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية وتعزيز مبدأ العدالة والمساواة على الساحة الدولية.
عمّان، الأردن
10 فبراير 2025
حقوقيون