الرد الملكي لمشروع القانون جاء واضحاً وصريحاً بسبب وجود “شبهة دستورية” في الفقرة (أ) من المادة (6) من مشروع القانون واعتبارها لا تتوافق والقرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية، رقم (1) لسنة 2015.
لا شك بأن الرد الملكي لمشروع قانون اللامركزية شكل سابقة دستورية وقانونية في مسار العملية التشريعية في الاردن، وعليه فإن العديد من التساؤلات الدستورية قد تعتري مسار هذا القانون، تكمن هذه التساؤلات في بعض الجوانب الاجرائية من حيث هل سيتم مناقشة القانون في جلسة مشتركة بين مجلسي الاعيان والنواب، أم يعود مشروع القانون لكل مجلس على حدا ويحدد ذلك المجلس موقفه من القانون حسب نظامه الداخلي ومن ثم السير بالمراحل الدستورية كما المعتاد.
ولكن هناك اسئلة لا تقل أهمية عن غيرها تنتظر إجابة قد تثار حيال مشروع القانون، من حيث مدى صلاحية مجلس النواب والاعيان في فتح مواد القانون للنقاش، أم لا يملك المجلس الا مناقشة المادة التي تمحور حولها الرد الملكي وهي المادة (6 ) من مشروع القانون. أم للمجلس صلاحيات فتح أي مادة من مواد القانون للنقاش والتعديل عليها.
لعل المادة 93 من الدستور الاردني لا تسعف بالاجابة الصريحة والواضحة على تلك الاسئلة، والتي تنص في فقرتها الأولى: ” كل مشروع قانون أقره مجلسا الأعيان والنواب يرفع إلى الملك للتصديق عليه”، فيما تنص الفقرة الثانية: “يسري مفعول القانون بإصداره من جانب الملك، ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريدة الرسمية، إلا إذا ورد نص خاص في القانون، على أن يسري مفعوله من تاريخ آخر”.
أما الفقرة الثالثة فتنص: “إذا لم ير الملك التصديق على القانون، فله في غضون ستة أشهر من تاريخ رفعه إليه، أن يرده إلى المجلس مشفوعاً ببيان أسباب عدم التصديق”. اما الفقرة الرابعة من ذات المادة تنص على “اذا رد مشروع أي قانون
(ما عدا الدستور) خلال المدة المبينة في الفقرة السابقة واقره مجلسا الاعيان والنواب مرة ثانية بموافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين وجب عندئذ اصداره وفي حالة عدم اعاة القانون مصدقاً في المدة المعينة في الفقرة الثالثة من هذه المادة يعتبر نافذ المفعول وبحكم المصدق. فإذا لم تحصل اكثرية الثلثين فلا يجوز إعادة النظر فيه خلال تلك الدورة على انه يمكن لمجلس الامة ان يعيد النظر في المشروع المذكور في الدورة العادية التالية”.
من الجدير بالذكر أن المادة جاءت تحت الفصل السادس من الدستور بعنوان السلطة التشريعية – مجلس الامة في القسم الثالث منه بعنوان احكام شاملة للمجلسين، وهو القسم الذي ينظم ويحدد حالات إجتماع المجلسين، ولعل إعمال قواعد التفسير من حيث المبدأ توصلنا الى حقيقة أن التعبير الدستوري الوارد في الفقرة الثالثة تعامل مع المجلس بصفة عامة، وأن الاحكام الواردة في القسم الثالث تنظم عمل المجلس بغرفتيه، الا أن الاشكالية الاكبر والتي تحتاج فعلاً الى تفسير تكمن في تبان مدى صلاحيات المجلس في مناقشة وتعديل مواد غير المادة التي ورد الرد الملكي عليها وهي الماة 6 من مشروع القانون، وعليه فإنه ينتظر المحكمة الدستورية اسئلة حيال تفسير المادة 93 من الدستور الاردني.